جبال البلقاء الاخباري: عندما نتحدث عن بيت المقدس تثور في عقول الأحرار والشرفاء تساؤلات كثيرة؟ ومنها مدى عمق الارتباط الشرعي ببيت المقدس بحيث يكون خالصا للمسلمين من دون الناس ؟، وما دلالة أن يقوم عمر الفاروق ثاني الخلفاء الراشدين بالتحرك لاستلام مفاتيحها وفتحها مع كثرة الفتوحات في عهده الراشد؟ وكيف استطاع صلاح الدين تحرير بيت المقدس؟ وما الدور العربي الأردني الهاشمي في العصر الحديث الداعم لصمود بيت المقدس وأهله؟
أما بالنسبة للتساؤل الأول ، فالقدس فيها المسجد الأقصى مسرى النبي صلوات الله عليه ومنه عرج للسموات العلى قال تعالى :" سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (الاسراء :1) وقد قال رسول الله صلوات الله عليه :" لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَمَسْجِدِ الأَقْصَى.(رواه البخاري ومسلم ) .
وأما التساؤل الثاني : فالفاروق عمر رضي الله عنه فتح بيت المقدس ، وتحرك الفاروق لفتح مدينة القدس دون ما سواها من المدن والأمصار ؛ دليل على أهمية المدينة في وجدان المسلمين روى البيهقي في السنن : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا دَخَلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ قَالَ : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ.(السنن الكبرى للبيهقي) وكتب سيدنا عمر رضي الله عنه العهدة العمرية والتي كما جاء في بعض مقتطفاتها فيما يخص النصارى أنه :" أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبهم وسقيمهم وبريئهم ، وسائر ملتهم ، أنه لا تسكن كنائسهم ، ولا تهدم ولا ينتقص منها ولا من حيزها ، ولا مللها ولا من صلبهم ، ولا من أموالهم ، ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم ( تاريخ الطبري )
وأما التساؤل الثالث: عن تحرك صلاح الدين لتحرير بيت المقدس بعد احتلال الفرنجة لها عشرات السنين، ففيه دلائل أن صلاح الدين ظهر عندما التقت أفكار المسلمين، وتوحدت بضرورة تخليص بيت المقدس من الظلم، وسفك الدماء، فكان النصر والعزة.
وأما التساؤل الرابع فالأردن قدم الاف الشهداء على ثرى فلسطين على مدى عشرات السنين، والشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه لم يساوم على القدس وتحمل التحديات، ومن ذكائه العربي الإسلامي أنه أوصى عند موته أن يدفن في بيت المقدس، وشاهد أهل السلط جنازته وهي تشيع لبيت المقدس وعلى مدى العصر الهاشمي العامر قدم الأردن بقيادته الدعم السياسي، والصحي، ورعاية المقدسات، والعمل الجاد والحضاري للحفاظ على عروبة القدس ودعم الصمود العربي في فلسطين.
جرت سنة الله في بيت المقدس أنه ميزان عزة المسلمين، فعلى مدار الزمان كلما تعرض المسجد الأقصى للعدوان، جرت سنة الله أن يجعل الله ذلك العدوان دافعا للأمة لعلاج أمراضها، والتوبة من عصيانها، والتحلل من مظالمها ، وإصلاح ذات بينها ، وعقد العزم على رد الظلم والعدوان عن مقدساتها وكافة أرضها ، فاللهم انصر من نصر القدس وادفع كيد المعتدين