جبال البلقاء الاخباري: ناقش حوار أخير لوزير العمل واتحاد العمال مطلبا لرفع الحد الأدنى من الأجور، تماشيا مع ما يتناسب مع الأوضاع الجارية من ارتفاع تكاليف المعيشة.. علما بأن الحد الأدنى للأجور هو 260 دينارا بحسب ما حددته حكومة عمر الرزاز في عهدها.
الخبير الاقتصادي الدكتور فائق العكايلة قدم مقترحا حول آلية رفع الاجور، قال خلاله: "علمياً وعملياً، فإن المحدد الرئيس الذي من خلاله يمكن قياس الحد الأدنى للأجور هو خط الفقر، وهناك أنواع كثيرة من خطوط الفقر، إعتمد الأردن منها ما يسمى بخط الفقر المطلق، والمبني على أساس قيمة الإنفاق الحقيقي للأسر على السلع الغذائية وغير الغذائية الرئيسية، وبغض النظر عن تقييم هذه الطريقة، فإننا سنعتمدها للمساعدة في تحديد الحد الأدنى للأجور".
وتابع: "أثبتت آخر الدراسات الرسمية والبحثية المنشورة عام 2008، أن خط الفقر المطلق في الأردن في تلك السنة كان 56,7 ديناراً (ستة وخمسون ديناراً وسبعون قرشاً) للفرد الواحد شهرياً. وللأسرة الأردنية التي حجمها بالمعدل ستة أشخاص، فإن خط الفقر عام 2008 كان 340,20 ديناراً (ثلاثمائة وأربعون ديناراً وعشرون قرشاً) شهرياً. وإذا ما أضفنا إلى خط الفقر عام 2008 معدلات التضخم التراكمية السنوية منذ عام 2008 حتى هذا العام 2024 ، فإن معدلات التضخم السنوية التراكمية هذه ستكون بالمتوسط 56% حتى نهاية 2024.
وأضاف: "وعليه، فإن خط الفقر 2025/2024، سيكون كالتالي: 340,20 ديناراً (خط الفقر المطلق عام 2008) + (340.20 دينار*56%= 530.70 دينارا، لذا، فإن الحد الأدنى للاجور الذي يجب أن يعتمد هو على الأقل 530,70 دينارا (خمسمائة وثلاثون ديناراً وسبعون قرشاً) شهرياً، ومنطقياً، وفي ظل الظروف الإقتصادية والسياسية والجيوسياسية، فيصعب إقرار زيادة الحد الأدنى للأجور من 260 ديناراً إلى 530,70 ديناراً مرةً واحدة، لكن نضع المقترح التالي على طاولة صانع القرار".
وتاليا مقترح رفع الأجور كالتالي وفقا لاقتراح العكايلة:
أولا: ان يكون قرار رفع الحد الأدنى للأجور للأردنيين وغيرهم على حدٍ سواء، وذلك لتعزيز الميزة التنافسية للعامل الأردني.
ثانيا: ان يتم رفع الحد الأدنى للأجور على ثلاث مراحلٍ كما يلي:
-من 260 ديناراً إلى 300 ديناراً فوراً نهاية عام 2024
-من 300 ديناراً إلى 400 ديناراً نهاية عام 2025
-من 400 ديناراً إلى 530,70 ديناراً نهاية عام 2026
ثالثا: ان يتم مراجعة الحد الأدنى للأجور بعد ذلك سنوياً لإضافة معدلات التضخم الجديدة واعتبار أي متغيرات طارئة".
الخبير الإقتصادي حسام عايش، قال لـ عمون، إن الاشكالية الكبيرة تكمن بتحديد معايير ومدخلات الحد الأدنى للأجور وكيفية قياسه، والعوامل المؤثرة على تحديده، والبيئة الاقتصادية الاجتماعية التي توفر حدا مقبولا من مستوى المعيشة للعاملين، وهذه العوامل جميعها تؤثر على سياسات الحد الادنى للأجور خصوصا اذا ما كانت دقيقه بكيفية اعدادها وبما يعزز العدالة الاجتماعية دون التسبب بالضرر الاقتصادي.
وأضاف عايش أن الحد الدنى للاجور هو احدى ادوات توزيع الدخل، وردم الفجوة في الأجور بين العاملين، كما انه من وسائل الحماية الاجتماعية، وهو ما يجب اخذه بعين الاعتبار، اذ يجب ان يأخذ الحد الأدنى "السليم للأجور" حاجات العمال وأسرهم، وكُلف المعيشة، والضمان الاجتماعي، ومستوى الأجور العام، والوضع الاقتصادي والانتاجية والمهارات المختلفة، خصوصا وأن الاقتصاد غير المنظم هو أبرز التحديات أمام الحد الأدنى للأجور.
ونوه إلى وجود اشكالية بتعميم الحد الأدنى للأجور بصورة عامة، ويجب وجود معايير لتحديده وفقا للقطاع والمهنة، خصوصا تلك المهن الخطرة أو التي تستدعي مستوى عال من المهارات، كما ان التحدث عن "الراتب" مرتبط بأمرين هما الأجر الإسمي وهو كمية النقود التي يحصل عليها العامل، والأجر الحقيقي وهو كمية السلع الاستهلاكية التي يمكن ان يحصل عليها العامل عند تحويل الاجر الاسمي إلى سلع أو خدمات، وهي الخدمات الضرورية التي تضمن له البقاء كإنسان.
وأشار عايش الى تحدث البنك الدولي عن ارتفاع اسعار السلع في الاردن، ما يعنيه ان زيادة الحد الادنى للاجور لـ 300 دينار بدلا من 260 دينار، لا يزال يقل عن الارتفاعات المستمرة على اسعار المواد الغذائية لوحدها، كما انه يحسب بناء على خط الفقر وعدد العاملين في الاسرة وحجمها، ففي حال كان هناك عامل واحد في الاسرة التي يبلغ عدد افرادها 6 على سبيل المثال، فإن الحد الأدنى يجب ان يزيد عن الـ 300 دينار إلى 480 دينار وفقا للمنطق والأسعار الحالية.
وطالب بأن يكون الحد الأدنى للأجور مرتبطا بساعات العمل وطبيعته، وتطوير مهارات العاملين وزيادة انتاجيتهم بما يعود على أرباب العمل بالعائد الذي يعوضهم عن تلك الزيادة.
ولفت عياش الى وجود بعض المخاوف المتعلقة برفع الحد الادنى للأجور اذا لم يحسب بالطريقة الصحيحة، كالتخوف من ارتفاع مستوى التضخم، وارتفاع نسب البطالة، وزيادة كلف المنتجات والسلع في السوق، خصوصا اذا ما عكس أرباب العمل هذا الارتفاع على السلع المباعة.
وأكد ضرورة وجود ربط بين الحد الأعلى للأجور والحد الأدنى، فلا يمكن ان يكون الحد الأعلى مفتوحا بينما الحد الأدنى محدد، ويجب ان يكون هناك صيغة تحركهما معا بما يضمن تحقيق نتائج متعلقة بكيفية تحرك الأجور في الأردن.