جبال البلقاء الاخباري:
حول العنوان
استُمد هذا العنوان من سؤال كتبه أحدهم وهو يستفتي بموضوع أُسري ، توجّه به لسيدي الشيخ محمد أمين الكيلاني رحمه الله مفتي البلقاء ، وخطيب مسجدها الكبير ، ومدير مدرستها الشرعية ، الرجل الذي كان أمّة وحده ، يُعلّم ، ويعظ ، ويزوج ،ويفتي بالطلاق ،ومسائل الشرع عموما ، ويصلح بين الناس ، إضافة للعمل الاجتماعي التكافلي ، ومساعدة الفقراء ، واليتامى والمحتاجين ، إضافة إلى مجالس الشيخ الخاصة من خلال التواصل مع تلاميذه وأحبابه ، وتوجيههم إلى الصلاة على النبي صلوات الله عليه ، وذكر الله ، والتفكر في أحوال الصالحين ، والتشبه بهم في الأخلاق ،وعمل الصالحات .وكان وكان رحمه الله وأحسن الله إليه .
أما بالنسبة للمستفتي كاتب السؤال ، الذي جلس بين يدي الشيخ محمد أمين ، فوعظه الشيخ ونصحه ، فكتب المستفتي عبارة (أعد نفسي أن أتغلب على نفسي) ، نعم إنّها بداية الإصلاح ، ومواجهة الحقيقة ، والخروج من بين أمواج الشبهات والشهوات .
محاسبة النفس بداية صلاح الفرد
قال تعالى ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها (الشمس 7-10)، وفي مجال محاسبة النفس يبين أبو حامد الغزالي منهجية تربية النفس كبرنامج يومي فيقول :" فإذا أصبح العبد وفرغ من فريضة الصبح ينبغي أن يفرغ قلبه ساعة لمشارطة النفس ، كما أن التاجر عند تسليم البضاعة إلى الشريك العامل يفرغ المجلس لمشارطته ، فيقول للنفس ما لي بضاعة إلا العمر ، ومهما فني فقد فني رأس المال ، ووقع اليأس عن التجارة وطلب الربح ، وهذا اليوم الجديد قد أمهلني الله فيه ، وأنسأ في أجلي ، وأنعم علي به ، ولو توفاني لكنت أتمنى أن يرجعني إلى الدنيا يوماً واحداً حتى أعمل فيه صالحاً ، فاحسبي أنك قد توفيت ثم قد رددت ، فإياك ثم إياك أن تضيعي هذا اليوم فإن كل نفس من الأنفاس جوهرة لا قيمة لها (الإحياء للغزالي)
الأعمال الصالحة هي الباقية والنافعة
ويؤك ذلك ما رواه البراء بن عازب قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر، وهو حديث كبير ، ومما جاء فيه عن حال الميت الصالح بعد دفنه وسؤاله قال : " ويأتيه رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي، ومالي ".(رواه أحمد) فلنغتم أيام العشر التي دخلت علينا بالأعمال الصالحة ، ومنه الصيام فيها فإنه مستحب استحبابا شديداً (شرح النووي على مسلم 8/ 71)